09
-/أ ف ب/غيتي إيمدجز -- المواطن المصري البسيط يعتبر أن السياسيين، مثل محمد البرادعي، يولون أهمية كبيرة للإصلاح السياسي ولا يركزون كفاية على القضايا اليومية المهمة.
|
جلس محمد عبد التواب مع بقية زملائه الموظفين على الرصيف أمام
مجلس الشعب المصري خلال اعتصامهم ضد وزارة الزارعة للمطالبة بزيادة
رواتبهم.
وفي نفس الوقت، كانوا يشاهدون تظاهرة أخرى تطالب بتعديل الدستور
على الرصيف المقابل دون أن يتحركوا أو يتضامنوا معها، لأن "مطالبهم ليست
سياسية بل اجتماعية"، كما قالوا لـ"الشرفة".
وكانت الاحتجاجات الأخيرة لحركة "6 أبريل" في القاهرة قد طالبت
بإجراء تعديلات دستورية وإلغاء قانون الطوارئ الذي يحكم البلاد منذ عام
1981. وعلى الرغم من حجم التغطية الإعلامية للاحتجاجات، إلا أن عدد
المتظاهرين لم يزد عن 600 شخص ومعظمهم ناشطين سياسيين، مما يرسم علامات
استفهام حول مدى تمثيل مطالب المعارضة المصرية لأجندة المواطن المصري
البسيط.
"يعني إيه تعديلات دستورية اللي بيقولوا عنها ليل نهار؟ ما يشوفوا
المعاناة والهمّ اللي بنعيشه كل يوم بسبب المرتبات الضعيفة"، كما قال رضا
مصطفى لـ"الشرفة".
وأضاف "أنا مرتبي 650 جنيه (120 دولار) في الشهر، ولدي طفلان في
المدرسة الابتدائية. كل همي في الوقت الحالي كيف سأصرف على البيت."
يذكر أن "6 أبريل" هي حركة احتجاجية شبابية تأسست في أبريل/نيسان
عام 2008 من مجموعة من الشباب والناشطين الجدد للمطالبة بعدالة اجتماعية
ونظام سياسي مفتوح يقوم على التعددية والتداول السلمي للسلطة عن طريق
انتخابات حرة ونزيهة.
وتتركز مطالب حركات المعارضة المصرية وعلى رأسها "الجمعية الوطنية
للتغيير" على إلغاء قانون الطوارئ، وكفالة حق الترشيح في الانتخابات
الرئاسية دون أي شروط على المرشحين المستقلين، والإشراف الكامل للقضاء على
الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والانتخابات
الرئاسية التي ستعقد في سبتمبر/أيلول عام 2011.
ويتطلب تحقيق مطالب المعارضة المصرية تعديل بعض المواد الدستورية،
ومنها المادة رقم 76 الخاصة بالترشيح للانتخابات الرئاسية، والمادة 88
الخاصة بالإشراف القضائي على الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
من جهته، يرفض الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم إجراء أية تعديلات
دستورية في الوقت الحالي، ويرى قياديوه أن التعديلات الدستورية عام 2007
على أكثر من 35 مادة من الدستور تضمن التداول السلمي للسلطة بين الأحزاب
الشرعية، وتمنع الجماعات المحظورة قانونيا، مثل الأخوان المسلمين، من
الوصول إلى الحكم.
وفي الوقت الذي يدور فيه السجال بين حركات المعارضة والحزب الحاكم
حول ملفات سياسية، تؤكد تقارير لمنظمات المجتمع المدني وجود تزايد مطرد في
ظاهرة الاعتصامات والاحتجاجات بسبب مطالب اقتصادية واجتماعية وليست
سياسية، تركز غالبها على تحسين الأجور.
حيث كشفت دراسة لمركز أولاد الأرض للحقوق أن شهر فبراير/شباط شهد
أكثر من 40 اعتصاما وإضرابا وتظاهرة في مصر، وكانت جميعها حول الحقوق
المادية للعاملين ببعض الهيئات الحكومية وشركات القطاع العام.
في هذا الإطار، قال الناشط الحقوقي خالد علي لـ"الشرفة" إن
التظاهرات الخاصة بتحسين الأجور أو الحقوق العمالية تشهد مشاركة وإقبالا
كبيرا من قبل المصريين، لأنها تتعلق بمشاكل حياتهم اليومية "كتدبير مصاريف
البيت اليومية وأسعار السلع والخدمات التي تتزايد بشكل مستمر بينما يبقى
الدخل ثابتاً."
وأضاف "معظم التظاهرات التي يقوم بها موظفو الحكومة أو الحركات
العمالية لا ترتبط بالمطالب السياسية للمعارضة، بل تطالب بزيادة المرتبات
وتحسين الخدمات وحماية حقوق العمال في شركات القطاع العام."
وقال "هنا تكمن الفجوة بين أجندة المواطن البسيطة والمعارضة."
وأكد العديد من المواطنين الذين استطلعت "الشرفة" آراءهم أن
البطالة وأسعار السكن والمرتبات هي قمة أولوياتهم قبل النظر إلى أي سجال
سياسي بين المعارضة والحكومة.
وقال سامر محمود، 26 عاماً، "الحكومة والمعارضة أهدروا وقتا طويلا
في الحديث عن السياسة الداخلية والخارجية، دون الاهتمام بتوفير فرص عمل
لنا نحن الشباب، وسكن."
أما إيمان إبراهيم، وهي ربة منزل، فقالت "لم أر أي قيادي في
المعارضة تحدث حول جودة التعليم في مصر، فأولادي يعانون من تدني مستوى
التعليم في المدارس الحكومية، وليس باستطاعتنا أن نرسلهم للتعليم في مدارس
خاصة."
وتساءلت "لماذا لا تهتم المعارضة بهذا الموضوع أولا، قبل أي شيء
آخر؟"
وفي هذا السياق، قال الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام
للدراسات السياسية والإستراتيجية لـ"الشرفة" إنه يجب التمييز بين مسألة
مواجهة الوضع القائم بالاحتجاج، وبين "مواجهته ببديل قادر على البناء."
وأضاف "كل الحركات السياسية التي شهدها المجتمع المصري في السنوات
الست الماضية كانت بدائل احتجاجية اعتمدت على الصوت العالي ضد الفساد
والقهر وغياب الديموقراطية، ولكنها لم تنجح في أن تنال ثقة الرأي العام
باعتبارها بديلاً آمناً، وليس مجرد صوت احتجاجي."